عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألاَّ يعذب من لا يشرك به شيئاً»، قلت: يا رسول الله أفلا أُبشِّر الناس؟ قال: «لا تبشِّرهم فيتَّكلوا». وفي رواية: فأخبرَ بها معاذ عند موته تأثمُّاً -تحرُّجاً- من الإثم -الحديث رواه البخاري: 2856، 5967، 6267، 6500،7373 ومسلم: 30.
جاء هذا الحديث العظيم بصيغة الإستفهام ليكون أوقع في النفس، وأدعى إلى الإنصات والإصغاء، وأبلغ في فهم المتعلم، وهذا من بلاغته صلى الله عليه وسلم.
و«حق الله على العباد» هو ما يستحقه عليهم، وما يجب عليهم أن يقوموا به ويؤدوه، و«حق العباد على الله» معناه أنه متحقق لا محالة، لأنه وعدهم ذلك جزاءً لهم على توحيده، {وعْدَ اللهِ لا يُخلِفُ اللهُ المِيعاد}، وأهل السنة يقولون: هو الذي كتب على نفسه الرحمة، وأوجب على نفسه الحق، لم يوجبه عليه مخلوق.
وقوله: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»: أي يوحِّدوه بالعبادة، فلا بد من التجرد من الشرك في العبادة، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن عابدا الله وحده، بل هو مشرك قد جعل لله نداً.
وقوله: «وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً» يدل على أن التوحيد هو سبيل النجاة وضمانه، والتوحيد يعني نفي الإشراك، يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: اقتصر على نفي الإشراك لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء.
اللهم قنا عذابك يوم تجمع عبادك.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.